تبنّىَ المفتي التركي جلال مالكوتش، مهمة تعزيز القيم الدينية والأخلاقية لدى الأطفال بأسلوب فكاهي مبتكر، مستلهما ذلك من حكايات الشخصية التاريخية الشهيرة “نصر الدين خوجه” المعروفة بـ”جحا” في التراث الأدبي العربي.
منذ حوالي أربع سنوات، يشغل مالكوتش منصب المفتي في دار الإفتاء بمنطقة يومرا بولاية طرابزون، ويحرص بشكل خاص على تعليم الأطفال بطريقة مرحة ممتعة وفي نفس الوقت يحببهم بالمساجد.
مالكوتش (59 عامًا) قرر أن يتنكر بأزياء “نصر الدين خوجه” ليصل إلى قلوب الأطفال، ويتفاعل معهم ويقدم لهم هدايا خلال الدروس الدينية في دورات تحفيظ القرآن والمدارس، مبتكرا تجربة تعليمية مفعمة بالمرح.
وفي حديثه مع مراسل الأناضول، أشار إلى أهمية غرس مشاعر الحب في نفوس الأطفال بمرحلة ما قبل المدارس، مؤكدًا أن التعليم لا يعني فقط تزويد الطفل بمعلومات، بل يتطلب تعريفه بالقيم والأخلاق الكامنة بتلك المعلومات بطريقة ترفيهية.
ولفت المفتي إلى أنه يقتدي في حبه للأطفال أثناء عمله بنبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي كان يحتضن الأطفال ويداعبهم بمحبة.
وشدد على أن تقديم التعليم بمشاعر الحب، يساعد على الوصول إلى قلوب الأطفال وعقولهم.
عائشة بييق، معلمة وولية أمر في معهد تحفيظ القرآن التابع لدار الافتاء في يومرا، أكدت بدورها أن هذا النهج التعليمي الجديد نال إعجاب الجميع في المنطقة.
وقالت إن الأطفال ينتظرون بفارغ الصبر أثناء الفعاليات قدوم “العم نصر الدين”، وهو ما يجعل النشاطات التعليمية أكثر حيوية.
ويعد نصر الدين خوجه، شخصية اشتهرت بقصصها الفكاهية التي تناقلتها الأجيال في بلاد الأناضول، ولا يزال الشعب التركي يستخدم قصصه وحكاياته وطرائفه، من أجل الفكاهة وتوضيح بعض العبر.
ولد نصر الدين خوجه عام 1208 في بلدة “أق شاهير” بولاية قونية، وعاش حياته في كنف الدولة السلجوقية، إلى أن توفي عام 1284، في بداية الدولة العثمانية، ويعرف باسم “جحا” في العالم العربي.
جدير بالذكر أن قصص “جحا” منتشرة في كثير من المناطق بمضامين متشابهة في مقدمتها تركيا، ومن البلقان حتى آسيا الوسطى، وتتسم قصصه بنقد الأشخاص والمجتمع، وتحمل رسائل تحث على التسامح، والسلام والتفاؤل، وفي هذا الإطار أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة “اليونسكو” عام 1996 “عام جحا” تكريما لهذه الشخصية الفكاهية التاريخية.