بموجب قانون سُنّ منذ فترة قريبة، صار من الجائز إعادة اللاجئين السوريين من هولندا إلى بلدهم في أقرب وقت، ألا وهو نهاية هذا العام.
تقدمت الحكومة الائتلافية الهولندية التي يسيطر عليها قوميون من اليمين المتشدد، وعلى رأسهم خيرت فيلدرز الذي فاز بالانتخابات خلال العام الفائت، بقانون تدابير الطوارئ الخاصة باللجوء.
وبموجب هذه الخطة التي سربتها قناة NOS التي تعتبر القناة الرسمية للدولة الهولندية، فإن سياسة هولندا تجاه سوريا ستتسم بتشديد كبير، إذ ستحدد المناطق الآمنة خلال هذا العام إن أمكن، بما يتيح ترحيل طالبي اللجوء الجدد إليها.
وبنهاية الشهر القادم، قد تعيد هولندا فرض قيود على حدودها مع ألمانيا وبلجيكا، إذ سيجري مباشرة إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى ألمانيا وبلجيكا، وتلك الفئة تشمل من تقدموا بطلبات لجوء في دولة أخرى، ومن المرجح أن يتحول ذلك إلى خرق لقوانين الاتحاد الأوروبي، كما ستجري دراسة فكرة ترحيل السوريين الحاصلين على صفة لاجئ إلى سوريا بموجب هذه التدابير، وهذا ما قد يفرض على هولندا إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الأسد.
“صفقة أبرمت مع الشيطان”
تعرضت خطة الحكومة الائتلافية الساعية لترحيل طالبي اللجوء إلى سوريا إلى هجوم من ستيفان فان بارلي زعيم حزب دينك المعارض من يسار الوسط، والذي يدافع عن حقوق الأقليات الإثنية، إذ وصفها بأنها صفقة مع الشيطان، وأضاف “أن أيديولوجية الجناح الأيمن المتطرف يجري تطبيعها بشكل زائد عبر تطبيق مخططات غير إنسانية”.
خلال العقد الماضي وصل أكثر من مليون طالب لجوء سوري إلى أوروبا من جراء الحرب التي قامت في بلدهم منذ عام 2011. ولهذا فإن التفاوض على صفقة لإعادة التعامل مع الأسد على الرغم من سمعة النظام في مجال قمع المعارضين وإخفائهم، تعتبر خطوة ثانية حساسة ومهمة قام بها عدد من البلدان، وذلك لأن النمسا وإيطاليا وقبرص والدنمارك وجمهورية التشيك وكرواتيا واليونان وسلوفينيا وسلوفاكيا وكذلك هولندا كلها تضغط على الاتحاد الأوروبي ليجدد علاقاته الدبلوماسية مع الأسد حتى يقيم مناطق آمنة بوسعها استقبال طالبي اللجوء.
وخلال الأسبوع الماضي، وتحديداً في مؤتمر الاتحاد الأوروبي الذي عقد ببروكسل، أعلن المستشار النمساوي كارل نيهامر بأن عودة الآلاف من اللاجئين السوريين من لبنان هرباً من الغارات الجوية الإسرائيلية والاجتياح البري الذي تنفذه إسرائيل ضد حزب الله، كان دليلاً على أن سوريا أضحت بلداً آمناً.
أما جورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا، فقد خرجت من معسكر الدول التي تضغط من أجل تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، فعينت سفيراً لبلدها في دمشق، وذلك حتى تسمح بإعادة المهاجرين، إذ تبدأ تلك العملية بمرحلة إعادة التوطين بطريقة طوعية.
“لا مناطق آمنة في سوريا الأسد”
وخلال هذا العام، أعلن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية التي استقبلت معظم اللاجئين الذين شردتهم الحرب في الجارة سوريا، بأنه سيصبح بوسع “أغلب السوريين” العودة إلى بلدهم بعد اعتراف وإقرار المجتمع الدولي بوجود مناطق آمنة. بيد أن اللاجئين الذين هربوا من ظلم نظام الأسد أو الجماعات الإرهابية مثل تنظيم الدولة قد يخالفونه الرأي، ثم إن من عبروا الحدود من لبنان إلى سوريا خلال الفترة القريبة الماضية يعبرون عن الواقع القائل بأن سوريا أصبحت أهون الشرين.
ذكر رجل لقناة الجزيرة إثر عودته من لبنان إلى قريته القريبة من إدلب خلال الأسبوع الماضي بأن سوريا: “ليست آمنة بأي شكل من الأشكال، فالرجال فيها عرضة للاعتقال والتجنيد الإجباري”.
وخلال الشهر الماضي، أعلنت حكومة الأسد عن عفو عام للسجناء السياسيين، وطلبت من اللاجئين العودة إلى سوريا، لكن منظمات حقوقية حذرت من اعتقال العشرات من بين العائدين، إذ أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان خلال الأسبوع الماضي بأنه لا توجد مناطق آمنة في سوريا الأسد.
يذكر أن سوريا انقسمت إلى أربع مناطق عقب الحرب، أكبرها يسيطر عليه الأسد ويشمل 60% من مساحة البلد سابقاً، أما المناطق المتاخمة لتركيا فتخضع لسيطرة أنقرة، والمناطق الواقعة شمال شرقي البلد تديرها قوات سوريا الديمقراطية، وجزء ضئيل من شمال غربي سوريا تديره هيئة تحرير الشام وهي جماعة إسلامية متطرفة.
بيد أن القوانين الهولندية الجديدة التي سوف تشهد معارك في البرلمان خلال الأسابيع القادمة، ستعمل على إلغاء فكرة منح إقامة اللجوء إلى أجل غير مسمى، إذ سيجري تقييد فترة إقامة اللاجئ بمدة ثلاث سنوات. وفي مطلع السنة المقبلة، ستقيم هولندا مراكز احتجاز لطالبي اللجوء الذين لا يحملون وثائق، وكذلك للذين رُفضت طلبات لجوئهم.
ولذلك اتهم مجلس اللاجئين الهولندي الحكومة باتخاذ تدابير من شأنها تعطيل منظومة اللجوء، إذ قال رئيس المجلس فرانك كاندل: “تحاول الحكومة عامدة متعمدة تعطيل نظام اللجوء”.