ما سبب استمرار تدفق السوريين إلى هولندا؟..1500 طالب لجوء جديد

على الرغم من سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، يواصل طالبو اللجوء السوريون القدوم إلى هولندا في الوقت الراهن بسبب سوء الأوضاع المعيشية في بلادهم، وسط ضغوط متصاعدة من الحكومة اليمينية لإعادة اللاجئين السوريين، حيث لم تنجح سوى بإعادة 20 شخصاً فقط منهم حتى الآن.

ففي شهر ديسمبر/كانون الأول، الذي سقط فيه نظام الأسد بشكل غير متوقع، تقدّم 1569 سورياً بطلبات لجوء، بحسب ما تُبين الأرقام الصادرة عن دائرة الهجرة والتجنيس (IND)، جاء نحو نصفهم عبر “لمّ الشمل”، ويُقدّر هذا العدد بنصف جميع طلبات اللجوء التي تلقتها هولندا في ذلك الشهر، وفقاً لوسائل إعلام هولندية.

وقدّمت مجموعة من 724 سورياً “طلب لجوء أولي”، وهو نفس عدد الطلبات التي تم تقديمها قبل شهر.

 

 

وبعد وقت قصير من سقوط الأسد، أعلنت وزيرة الهجرة واللجوء اليمينية مارولين فابر (من حزب الحرية اليميني) عن “تجميد مؤقت” لإجراءات اللجوء: لن تتخذ دائرة الهجرة والجنسية أي قرارات بشأن السوريين لمدة ستة أشهر.. خلال هذه الفترة، يمكن لهولندا التحقق مما إذا كانت البلاد مستقرة وآمنة بالفعل، لأنه في هذه الحالة، لن يتم منح عدد كبير من الأشخاص حق اللجوء هنا.. حتى وقت قريب، كان جميع اللاجئين السوريين يحصلون تقريباً على الضوء الأخضر للبقاء.

ويحق لطالبي اللجوء السوريين الذين وصلوا حديثاً الحصول على مأوى في أحد مراكز اللجوء التابعة لمؤسسة إيواء طالبي اللجوء “COA”، لكن الظروف في تلك المراكز صعبة.

أكثر من 18 ألف سوري ينتظرون الإقامة!

يوجد الآن أكثر من 18 ألف سوري ما زالوا ينتظرون قرار دائرة الهجرة والجنسية للحصول على تصريح الإقامة.

ومن بين أكثر من 1500 طلب سوري جديد قُدّم في شهر ديسمبر/كانون الأول، كان أكثر من 800 لاجئ ممن تم لمّ شملهم من قبل أحد أفراد عائلتهم في هولندا.

ولا ينطبق قرار التجميد المؤقت حتى الآن على الأشخاص الذين يُراد لمّ شملهم من قبل السوريين الحاصلين على تصاريح إقامة.

وفي الشهر الماضي، وعدت فابر مجلس النواب بالتحقيق فيما إذا كان من الممكن تجميد لمّ شمل العائلات للسوريين مؤقتاً، لكنها حذّرت من أن الاتفاقيات الدولية من المرجح أن تجعل اتخاذ مثل هذا القرار “أمراً صعباً”.

“لكل فرد الحق في الحياة الأسرية”، هكذا تلخّص منظمة “مساعدة اللاجئين” المعاهدات التي التزمت بها هولندا، وتضيف: “عندما يصل اللاجئ إلى هولندا ويحصل على الحماية، يمكنه إحضار شريكه وأطفاله إلى هولندا بطريقة إنسانية”.

وأضافت أن “فترة الانتظار لجمع شمل الأسرة طويلة: ففي العام الماضي استغرقت دائرة الهجرة والجنسية ما معدله 92 أسبوعاً لمعالجة طلب السفر اللاحق.. وبما أن السوريين يشكّلون أكبر مجموعة من طالبي اللجوء منذ سنوات، فلا يزال هناك آلاف من أفراد الأسرة الذين قد يكونون مؤهلين للحصول على لمّ شمل الأسرة على الورق”.

مساعٍ لإقناع السوريين بالعودة

وفي حين يواصل السوريون الجدد تقديم طلبات اللجوء، فإن التركيز السياسي في لاهاي ينصب بشكل أكبر على ما إذا كان من الممكن إقناع البعض منهم بالفعل بالعودة. ولا يوجد أي مجال للترحيل القسري في الوقت الراهن، لأنه يتعيّن أولاً الإعلان رسمياً عن أن البلاد “آمنة”، ويعمل مسؤولون من وزارة الخارجية الهولندية على إعداد تقرير رسمي بشأن الوضع في سوريا.

وبدأت منظمة “العودة الطوعية”، التي تنظم عودة الراغبين بالرجوع إلى أوطانهم، مؤخراً بعرض مبلغ 900 يورو نقداً على السوريين إذا قرروا العودة طوعاً إلى وطنهم. وقالت المنظمة إن هذا الأمر يجب أن يتعلق بالعودة الدائمة وليس بأمور مثل الزيارات العائلية، ومن خلال التوقيع على إقرار ينهي هؤلاء الأشخاص فيه إجراءات اللجوء الخاصة بهم أو يتخلّون عن وضع الإقامة المؤقتة.

وتتلقى منظمة “العودة الطوعية” حالياً العديد من الاتصالات من السوريين، وفق ما ذكرت وسائل إعلام هولندية.

سوريون يعودون لوطنهم

كما ظهرت وزيرة اللجوء والهجرة مؤخراً في فيديو نشرته على صفحتها في مواقع التواصل الاجتماعي تحضّ فيه طالبي اللجوء واللاجئين السوريين على العودة إلى بلادهم بشكل طوعي، مع التهديد بإعادتهم قسراً في المستقبل.

وبالفعل، عاد الأسبوع الماضي عشرون سورياً كانوا يقيمون في هولندا طوعاً إلى سوريا، حسب تصريحات وزيرة اللجوء والهجرة.

وقد تلقّوا المساعدة من منظمة “العودة الطوعية”، وتعمل المنظمة حالياً على معالجة 160 طلباً للعودة، بحسب فابر، وتتوقع أن يغادر عشرون سورياً آخرين الأسبوع المقبل.

وتقول الوزيرة: “إن هذه الأعداد لا تزال صغيرة، لكن المتوقع أن يرتفع هذا العدد في المستقبل القريب”، وتضيف أيضاً أنها تريد الالتزام بهذا الأمر.

ويبلغ عدد السوريين المؤهلين للاستفادة من برنامج العودة الطوعية 88,280، وفقاً لأرقام دائرة الهجرة والتجنيس (IND).

بدوره، يشكك المحاضر الجامعي في قانون الهجرة، مارك كلاسن، من جامعة ليدن، في إمكانية عودة السوريين: “لا يزال من غير الواضح مدى الأمان في سوريا”.

ويعتقد كلاسن أنه من غير المرجح أن يقوم السوريون الآن بمخطط عودة جماعي بعد سقوط نظام الأسد: “ولن يفعلوا ذلك مقابل تلك الـ900 يورو!”.

وكانت فابر قد أعلنت عن نيتها إعادة اللاجئين السوريين “قسراً” على المدى الطويل بمجرد أن تكون الظروف مواتية، وأكدت المسؤولة الهولندية أن الحكومة تنظر في إمكانية عودة اللاجئين السوريين الطوعية كـ”خطوة أولى”.

وتسهم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها سوريا من جراء العقوبات الأوروبية والأميركية، والتي تحد من إعادة إعمار ما دمّره النظام المخلوع، في عدم عودة اللاجئين إليها، ودفع السوريين الموجودين فيها إلى الهجرة إلى الدول الأوروبية بهدف تأمين مستقبل لهم ولأطفالهم.

Exit mobile version