هذا ماتنوي الحكومة الهولندية فعله بخصوص اللاجئين السوريين
أعلنت وزيرة اللجوء والهجرة الهولندا مارولين فابر عن نيتها إعادة اللاجئين السوريين “قسراً” على المدى الطويل وسط تصاعد مخاوفهم لا سيما ممن لم يحصلون بعد على تصاريح إقامة.
وأكدت المسؤولة الهولندية وفق موقع “آر تي إل نيوز” أن الحكومة تنظر في إمكانية عودة اللاجئين الطوعية كـ”خطوة أولى”، مضيفة: “سنعمل على مساعدة السوريين الذين يرغبون في العودة حالياً قدر الإمكان”.
وأضافت “إلا أن العودة القسرية مطروحة أيضاً كخيار (…) مثل ألمانيا ودول أخرى، سنباشر العودة القسرية بمجرد أن تكون الظروف مواتية”.
وفي الوقت الحالي لا تزال السلطات الهولندية تجمد بشكل مؤقت معالجة طلبات اللجوء الجديدة القادمة من سوريا لكنها لا تطلب من طالبي اللجوء المرفوضين المغادرة.
وخلال السنوات الماضية، لم تُرحل السلطات الهولندية أي لاجئ سوري، نظراً لعدم استقرار الأوضاع الأمنية في سوريا وقطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد البائد.
وبحسب وزارة الخارجية الهولندية، لن يُعاد تقييم تصاريح الإقامة للسوريين إلا بعد استيفاء شروط واضحة أبرزها، أن يتم تصنيف سوريا أو أجزاء منها كـ”منطقة آمنة”، بناءً على التقييم الرسمي السنوي الذي تصدره الوزارة.
كما يجب التوصل إلى اتفاقيات مع الحكومة السورية لضمان استقبال اللاجئين العائدين لكن لا يوجد علاقات حتى الآن مع الإدارة السورية الجديدة في البلاد.
وفي إطار هذه الجهود، زار المبعوث الهولندي الخاص، خايس خيرلاخ، سوريا أوائل يناير، حيث ناقش مع المسؤولين هناك قضايا تتعلق بـ “الاستقرار المستدام”، وحقوق الأقليات مثل المسيحيين والأكراد، وعودة اللاجئين، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية.
“في الوقت الحالي، لا يُطرح موضوع إعادة تقييم أو سحب التصاريح في هولندا”، بحسب الوزارة مضيفة بأن “إعادة التقييم لن تكون ممكنة إلا عند توفر صورة واضحة عن الوضع الجديد في سوريا”.
أما فيما يتعلق بإعادة فتح السفارة الهولندية في دمشق، قالت وزارة اللجوء والهجرة: “من السابق لأوانه الحديث عن ذلك الآن”.
والتحقت هولندا في خطوات بدول أوروبية أخرى كألمانيا والنمسا وبلجيكا حيث أعلنت تلك الدول تعليق دراسة ملفات طالبي اللجوء السوريين كما أعلنت عن إعادة تقييم وضع اللجوء للسوريين ومن المقرر أن يحدث ذلك أيضاً في هولندا.
“تباين بمواقف الأحزاب الحاكمة والمعارضة”
وفي مجلس النواب، تعتقد جميع أحزاب الائتلاف اليميني الحاكم أن السوريين يجب أن يعودوا، على الرغم من اختلاف اللهجة، فزعيم حزب “الحرية” اليميني المتطرف خيرت فيلدرز هو الأكثر تشدداً ضد السوريين حيث غرّد عدة مرات بأنه يريد عودة “أكبر عدد ممكن من السوريين”، وقال فيلدرز “عليهم أن يساعدوا في إعادة بناء بلدهم”.
بدوره يقول ديدريك بومسما، عضو البرلمان عن حزب “عقد اجتماعي جديد”: “إذا كانت البلاد آمنة ومستقرة بما فيه الكفاية، فإن السوريين الذين حصلوا على اللجوء المؤقت يمكنهم ويجب عليهم العودة”، مضيفاً “ولكن يجب تحديد ما إذا كان هذا هو الحال أم لا بشكل واقعي وبعناية على أساس تقرير رسمي”.
من جانبه يقول حزب “الشعب” أيضاً: “إذا كانت البلاد آمنة، فيجب على الناس العودة، ولكن هذا يجب أن تحدده وزارة الخارجية أولاً”.
أما أحزاب المعارضة فتعرب عن خشيتها من التسرع بتحركات الحكومة اليمينية وقالت النائبة عن حزب D66 آن ماريجكي بودت: “إن الوضع في سوريا لا يزال غير قابل للتنبؤ.. وتفضل الوزيرة فابر وحزب الحرية إعادة هؤلاء الأشخاص على الفور، حتى من دون معرفة ما إذا كان ذلك آمناً”.
وبحسب الحزب D66، فإن هذه المناقشة سابقة لأوانها “إننا جميعا نأمل أن تصبح سوريا بلدا آمنا وديمقراطيا، ولكن حتى ذلك الحين يتعين علينا حماية هؤلاء الناس”.
هل تستطيع هولندا ترحيل السوريين قسراً؟
ولكن يبدو أن خطة إجبار السوريين على العودة قسراً لا تملك سوى فرصة ضئيلة للنجاح، بحسب مارلو شروفر، أستاذ تاريخ الهجرة في جامعة ليدن.
ويقول شروفر، إن الاتفاقية الدولية للاجئين، من بين أمور أخرى، تشكل عقبة أمام هذه الخطة.
وبحسب شروفر، سيكون من الصعب على الحكومة تحقيق هذه الخطة “الإجابة المختصرة هي أنه لا يمكنك بكل بساطة إعادة الأشخاص الفارين إلى أوطانهم.. بل يمكنك تشجيعهم على القيام بذلك”، وفق موقع “آر تي ال نيوز”.
ويضيف “الإجابة الطويلة هي أن وضع كل فرد مهم لتحديد ما إذا كان بإمكان شخص ما البقاء أم لا. العديد من السوريين يقيمون هنا منذ فترة طويلة جداً وحصلوا على الجنسية الهولندية.. لا يمكنك إعادتهم على أي حال”، مشدداً على أنه “لا يمكنك نزع الجنسية الهولندية”.
ويتابع شروفر قائلاً: “بالإضافة إلى ذلك، لديك أيضاً مجموعة من السوريين الذين يحملون صفة لاجئ”، مضيفاً “هذا يعني أنهم يتمتعون بوضع الإقامة في بلدنا، ولكنهم لا يحملون الجنسية الهولندية بعد.. ومن الناحية النظرية، يمكن إعادتهم إلى بلادهم إذا كانت البلاد مستقرة وآمنة لسنوات”، مضيفاً “ولكن بالإضافة إلى ذلك: لا يمكنك إعادة شخص ما إلا إذا كانت الحرب هي السبب الوحيد وراء فراره.. وإذا لعبت أسباب أخرى، بالإضافة إلى الحرب، دوراً أيضاً، مثل التوجه الجنسي أو الدين لذلك الشخص، فقد لا يكون من الممكن إعادته إلى وطنه أيضاً”.
ويردف شروفر بأن “هناك مجموعة صغيرة من الأشخاص ليس لديهم تصريح إقامة بعد.. يمكنك إعادتهم عندما يظهر تقرير الدولة الصادر عن دائرة الهجرة والتجنيس أن الوضع آمن بما يكفي للعودة”، مضيفاً “تقوم دائرة الهجرة بإعداد هذا التقرير على أساس المعلومات التي يتلقاها من الصحفيين ومنظمات اللاجئين في البلد المعني. وفي هذا الصدد، من الإيجابي أن هناك الآن الكثير من المنظمات والصحفيين في سوريا”.
“إذا لم يصدر أي تقرير عن البلد من دائرة الهجرة والجنسية، ولكن من المتوقع أن تصبح سوريا أكثر أماناً على المدى الطويل، فإن السوريين الذين ما زالوا في إجراءات اللجوء سيحصلون على ما يسمى “الوضع المتسامح” الأمر الذي ينطبق حالياً على الأوكرانيين ويمكن استمرار ذلك لعدة سنوات.
ويقول شروفر: “عندما يتم اتخاذ القرار النهائي بشأن ترحيل لاجئين فمن الممكن رفع دعاوى قضائية”، مضيفاً “يمكن للناس أن يستشهدوا في قضاياهم بـ”وضعهم الإنساني” ويقولوا على سبيل المثال “لقد عشت هنا لفترة طويلة جدا” أو “أنا متزوج من شخص هولندي” وما إلى ذلك، مشيراً إلى أنه “وفي الوقت نفسه، لا ينبغي لنا أن نستبعد أن يكون هناك أشخاص يرغبون في العودة”.
وتأتي مساعي الحكومة الهولندية اليمينية لترحيل السوريين بالتزامن مع استمرار العقوبات الأوروبية والهولندية على سوريا رغم سقوط النظام الأمر الذي يحول من تحسن الوضع الاقتصادي وإعادة إعمار البلاد التي دمرها النظام البائد.
يشار إلى أنه قبل أيام وافق مجلس الوزراء الهولندي رسمياً على قوانين لجوء جديدة تهدف إلى الحد من تدفق اللاجئين لا سيما السوريين في البلاد.
وأبرز تلك القوانين إلغاء تصاريح الإقامة الدائمة وتقليص مدة تصريح اللجوء صالح لمدة 3 سنوات بدلاً من 5 سنوات، وتقسيم إقامات اللجوء إلى نوعين الأول الإقامة A والتي تُمنح للأشخاص الذين يفرون من الخطر بسبب تهديد فردي أي المضطهدين بسبب العرق أو الميول الجنسية أو الدين، أما النوع الثاني فهو الإقامة B والتي تُمنح للأشخاص الذين يفرون من الحرب والعنف وتكون إقامتهم مؤقتة، كما سيتم أيضاً تقييد “لم شمل” الأسر حيث سيقتصر على العائلة فقط وأقارب الدرجة الأولى مثل الزوجة والزوج والأطفال المباشرين.
وفي الأثناء تتصاعد مخاوف طالبي اللجوء السوريين في هولندا من مساعي الحكومة الهولندية لترحيلهم وسط معاناة في مراكز الإيواء بانتظار الحصول على تصاريح إقامة.
كما تشهد مراكز الإيواء أيضاً اكتظاظا وظروفاً صعبة للاجئين الحاصلين على تصاريح إقامة بانتظار الحصول على منازل إضافة إلى لم شملهم بذويهم.